كيف تُعِدّ الفلات وايت؟
ربما يكون الفلات وايت هو أقوى رمز للموجة الثالثة للقهوة؛ أي اتجاه القهوة المختصة الذي برز خلال العقدين الماضيين. مع فن اللاتيه الجميل اللامع الذي يزين أكواب السيراميك ذات الألوان البراقة، يعد الفلات وايت مناسباً لالتقاط الصور، ومثالياً لجيل الانستقرام.
الفلات وايت هو مشروب قهوة معتمد على الحليب، ولكنه أقوى وأسرع تأثيرًا من الكابتشينو واللاتيه اللذان يباعان في كافة محلات القهوة حول العالم. النكهة القوية للإسبريسو في هذا المشروب يُسلِّط التركيز على القهوة نفسها، بدلاً من الحليب. وهذا يتوائم تماماً مع مصداقية رسالة المقاهي المختصة والتي تستهدف إبراز مناشئ ونكهات حبوب البن المختلفة.
في الوقت ذاته، الحليب الدافئ الناعم الذي يشكل أساس هذا المشروب يجعل الفلات وايت سهل الشرب. لا عجب إذن أن أصبح الفلات وايت الآن مدرجاً في سلاسل المقاهي العالمية مثل ستاربكس بعد أن كان مشروباً مفضلاً لدى فئة معينة من الناس.
ما هو الفلات وايت؟
ببساطة، الفلات وايت هو قهوة قوية صغيرة الحجم تعد من الإسبريسو والحليب المبخر. جرت العادة أن يقدم الفلات وايت في كوب مصنوع من السيراميك وبحجم 150-180 مل، ويزين بفن اللاتيه المعد من طبقة رقيقة من رغوة الحليب الناعمة.
الحجم الصغير للفلات وايت مقارنة باللاتيه التقليدي يعني أنه يحتوي على كمية أقل من الحليب. نتيجة لذلك، فهو مشروب أقوى تسود فيه نكهة الإسبريسو. الحجم الصغير هو جزء ضروري في تعريف هذا المشروب؛ لذلك فلا يوجد شيء اسمه فلات وايت بحجم كبير، بل يدعى اللاتيه في هذه الحالة.
في الواقع، لا توجد قاعدة موحدة حول ماهية الفلات وايت، إلا أنه ليس مشروباً يمكن تخصيصه بسهولة. الفلات وايت الجاف يعني الكابتشينو فحسب، أما إضافة الصوصات أو غيرها من المنكهات فهو أمر مخالِف للمغزى من هذا المشروب؛ ألا وهو تذوق الإسبريسو من خلال الحليب.
كل ما يجب معرفته عن الحليب
الجزء (الفلات) من الفلات وايت يوضح أن هذا المشروب يجب أن يحتوي على كمية أقل من الرغوة في الأعلى مقارنةً بالكابتشينو. اعتماداً على المكان الذي تطلب منه الفلات وايت، يمكن أن يتراوح ارتفاع طبقة الرغوة في مشروبك بين 1 ملم و 1 سم. إذا كان ارتفاع الرغوة أكثر من 1 سم، فالمشروب الحاصل أقرب إلى الكابتشينو منه إلى الفلات وايت.
يجب أن يبخر الحليب في الفلات وايت بطريقة تجعل الفقاعات في الرغوة صغيرة جداً إلى درجة يصعب رؤيتها. هذه تسمى بالرغوة الدقيقة. الرغوة الدقيقة المبخرة بشكل جيد لا تظهر بقوام رغوي أو فقاعي، بل تبدو سائلة مخملية لامعة.
هذا الحليب الخفيف اللامع المحتوي على طبقة رقيقة فقط من الرغوة يتدفق بسهولة من الإبريق، وهذا يسمح للباريستا بأن يصب نماذج أكثر تعقيداً من فن اللاتيه في أعلى الفلات وايت مقارنة بالكابتشينو.
يجب ألا يكون الحليب حاراً للغاية. هذه النصيحة الجيدة تنطبق على جميع مشروبات القهوة، ولكن تزداد أهميتها بالأخص في تعريف الفلات وايت. يجب أن يبخر الحليب عند درجة حرارة تتراوح بين 55-60°م، وبالطبع لا ينبغي أن تزيد حرارة الحليب عن 65°م. أي حرارة أعلى من هذه الدرجة ستؤدي إلى بدء تفكك البروتينات في الحليب، مما يعطيه نكهة بَيضية شبيهة بالشيء المطبوخ. عند درجة حرارة 55°م، يصبح الحليب أكثر حلاوة وأغنى بالنكهة، وهذا يحقق التوازن المطلوب لنكهة واضحة من الإسبريسو.
ريستريتو أو إسبريسو؟
يتفق جميع الباريستا حول كيفية ما يجب أن يبدو عليه الحليب المكون للفلات وايت، مع وجود بعض الفوارق البسيطة. من ناحية أخرى، هناك الكثير من النقاش حول الإسبريسو المثالي للفلات وايت. هل يجب أن يكون جرعة مفردة أو مزدوجة؟ هل يجب أن يكون إسبريسو معياري، أو ريستريتو وهو إسبريسو أقوى محضر بكمية أقل من الماء؟
أصبح الريستريتو شائعاً في الوقت الذي أصبحت فيه غالبية القهوة الموجودة من النوع المحمص تحميصاُ داكناً ومن النوع المر. استخدام كمية أقل من الماء يغطي شيئاً من مرارة القهوة، ويبرز الحامضية والروائح العطرية فيها، وبالتالي ازداد رواج الريستريتو كوسيلة لإبراز أفضل ما في القهوة المحمصة تحميصاً داكناً.
في الآونة الحالية، لدى الباريستا خيارات أكثر من القهوة، لذلك قل رواج الريستريتو. الباريستا الذين يرغبون في الحصول على روائح عطرية فاكهية صافية، ومرارة أقل في قهوتهم بإمكانهم اختيار التحميصات الأفتح، بدل أن يستخدموا كمية أقل من الماء. لذلك، وبينما لا زال الكثير من الباريستا يستخدمون الريستريتو كمكون أساسي للفلات وايت، إلا أن استخدام الإسبريسو المعياري أصبح أكثر رواجاً اليوم.
أما ما يرتبط باختيار الإسبريسو بجرعة مفردة أو مزدوجة، فالأمر يعتمد على مدى قوة المشروب الذي ترغب به. يجب أن يكون الفلات وايت قوياً بشكل واضح، لذلك عند استخدام كوب كبير بحجم 180 مل، فالجرعة المزدوجة ضرورية بشكل أكبر. أما مع الأكواب الصغيرة بحجم 150 مل، تعمد غالبية المقاهي إلى استخدام الجرعة المفردة كمكون أساسي للفلات وايت.
ما هي أوجه الاختلاف بين الفلات وايت وبقية مشروبات الحليب؟
بما أن المكونين الوحيدين للفلات وايت هما الإسبريسو والحليب، فإنه شبيه بمشروبات الحليب الأخرى الشائعة في المقاهي كالكابتشينو واللاتيه. الفرقان الرئيسيان هي الحجم، وكمية الرغوة.
الفرق الرئيسي بين الفلات وايت واللاتيه هو الحجم. الفلات وايت ذو حجم أصغر، وبالتالي هو أقوى من اللاتيه.
الفرق الرئيسي بين الفلات وايت والكابتشينو هو في ارتفاع طبقة الرغوة. الفلات وايت هو بنفس قوة الكابتشينو، ولكن برغوة أقل.
الفلات وايت مختلف أيضاً عن القهوة البيضاء. القهوة البيضاء تشير عادة إلى القهوة السوداء المضاعفة كالأمريكانو أو القهوة المقطرة، مع إضافة سكبة من الحليب. بما أن الفلات وايت يعتمد على الحليب لا على الماء، فهو أغنى وأكثر كريمية وحلاوة من القهوة البيضاء.
من أين نشأ الفلات وايت؟
نشأ الفلات وايت إما في استراليا أو نيوزيلندا. هنالك منافسة شريفة بين هاتين الدولتين، وجدال دائم حول أيهما كانت المبتكر الأصلي للفلات وايت.
في حين أن الفلات وايت أصبح معروفاً عند بقية العالم في وقت حديث نسبياً، إلا أن نموذجاً من الفلات وايت كان موجوداً في ثمانينات القرن الماضي على أقل تقدير. في ذلك الوقت، ثقافة القهوة في أستراليا ونيوزيلندا كان يسودها إصدار خاص من الإسبريسو بنمط إيطالي.
الأشخاص الذين يفضلون شرب القهوة بالحليب لديهم خياران من المشروبات: اللاتيه، وهو مشروب كبير الحجم يحتوي كمية وفيرةمن الحليب، و الكابتشينو وهو مشروب أقوى، ولكنه غالباً يحتوي على طبقة أكبر من الرغوة في الأعلى. في الوقت ذاته، يقدم الكابتشينو عادة مع رغوة مليئة بالفقاعات في الأعلى بدلاً من الرغوة الناعمة السميكة.
نشأ الفلات وايت كبديل عن هذين المشروبين التقليدين، فهو أقوى من اللاتيه، وليس جافاً ورغوياً كالكابتشينو. بينما يُنظَر إلى الفلات وايت على أنه مشروب رائع عصري بالنسبة لمحبي القهوة، إلا أنه لم ينشأ بهذه الطريقة. في الواقع، يحتمل أن نشأة الفلات وايت كانت بسبب محاولة المقاهي لابتكار طريقة لمحاكاة القهوة التي يشربها الزبائن في منازلهم؛ أي قهوة فورية دون إضافة الحليب، ودون رغوة.
أياً كانت الدولة التي نشأ منها هذا المشروب، فإن الفلات وايت ازداد رواجاً حول العالم؛ وذلك بسبب هجرة الأستراليين و النيوزيلنديين -الذين اعتادوا على الفلات وايت كمشروب أساسي في مقاهيهم- إلى دول أخرى. أسس العديد من المهاجرين مقاهيهم المختصة في الدول التي هاجروا إليها مثل المقهى الأسطوري المسمى بمقهى فلات وايت الواقع في لندن والذي أنشئ في عام 2005.
يتكون الفلات وايت من مكونين فقط هما الإسبريسو والحليب. قد يبدو هذا بسيطاً جداً إلا أن إعداد الفلات وايت في المنزل يتطلب شيئاً من المهارة. إذا كنت ترغب في إعداد فلات وايت حقيقي، عليك أن تبدأ بإسبريسو رائع، وهذا يعني أن آلة الإسبريسو ضرورية. عليك أيضاً أن تتعلم أيضاً كيفية تبخير الحليب بشكل صحيح حتى تحصل على الرغوة الدقيقة الناعمة، وهذا يحتاج إلى ممارسة.
لا تقلق إذا لم تتقنها من أول مرة. الباريستا يتدربون لعدة أشهر قبل أن يتمكنوا من إعداد الفلات وايت في المقاهي. الخبر الجيد هو أنك حتى وإن لم تتمكن من الحصول على الرغوة الدقيقة المثالية وفن اللاتيه من أول مرة، سيكون المشروب لذيذاً أيضاً.
طريقة تحضير الفلات وايت بشكل مثالي في المنزل:
الخطوة 1: حضّّر جرعة مزدوجة من الإسبريسو
يبلغ حجم الكوب المثالي من الفلات وايت 150-180 مل. اسكب جرعة مزدوجة من الإسبريسو مباشرة في الكوب، بعد أن تعده بوصفتك المعتمدة للإسبريسو. من جهة أخرى، إذا كنت ترغب في إعداد الفلات وايت باستخدام الريستريتو، بإمكانك تقليل كمية الماء الذي تستخدمه في إعداد الإسبريسو بمقدار الثلث تقريباً.
الخطوة 2: ضع الحليب في الإبريق
إذا بدأت بالكمية المناسبة من الحليب، سيصبح التبخير أسهل، وبالتالي سيسهل عليك ممارسة فن اللاتيه. استخدم إبريق حليب صغير الحجم (~ 350 مل) ثم اسكب الحليب حتى يصل إلى أسفل نقطة المنتصف تماماً.
الخطوة 3: مَدِّدْ الحليب
هناك مرحلتان لتبخير الحليب بشكل صحيح. الخطوة الأولى تدعى (التمديد)،وتحدث عندما تدخل الهواء للحليب لغرض الحصول على الرغوة. هذا يزيد من حجم الحليب (أي يمدده).
السر في الحصول على الرغوة الدقيقة هو الانتهاء من تمديد الحليب قبل أن يصل لدرجة حرارة 38°م. هذا يعني أنك ستحتاج إلى عمل الفقاعات لصناعة كل الرغوة الضرورية قبل أن يصبح الحليب دافئاً عندما تلمسه.
ابدأ بتثبيت طرف عصا التبخير عند أسفل سطح الحليب تماماً، ثم أمِلْ الإبريق قليلاً نحو جهة واحدة. شغِّل البخار بكامل الطاقة، ثم استمع إلى صوت بقبقة الفقاعات وهي تتشكل في الحليب. عندما يرتفع سطح الحليب بمقدار سنتيمتر واحد أو ما يقاربه وقبل أن يسخن الحليب، يحين الوقت المناسب للتوقف عن إدخال الهواء: أبقِ البخار في وضع التشغيل، ولكن ارفع الإبريق بحيث تنزل عصا التبخير لمستوى أعمق في الحليب، ويتوقف صوت بقبقة الفقاعات.
الخطوة 4: الدوّامة
المرحلة الثانية في صنع الرغوة الدقيقة تدعى بالدوّامة. عندما تبقي الإبريق مائلاً نحو جهة واحدة، يجب أن يدور الحليب على شكل دوامة حول عصا التبخير. هذه الحركة الدورانية تخلط الرغوة الطافية في الأعلى مع الحليب الموجود أسفلها، وهكذا تتفكك الفقاعات الكبيرة.
عندما يكون الحليب في حالة دوران، يستمر في اكتساب الحرارة. في اللحظة التي يصبح فيها إبريق الحليب حاراً عند لمسه، أوقف تشغيل البخار. كبديل لذلك، يمكنك استخدام مقياس الحرارة (الثيرمومتر) بحيث تستمر في تبخير الحليب حتى تصل درجة حرارته إلى 55-60°م. لا تنسَ تنظيف عصا التبخير بعد أن تنتهي من هذه الخطوة.
الخطوة 5: اخلط
في هذه المرحلة يجب أن يكون الحليب لامعاً ناعماً، وليس ثخيناً جداً. إذا بدا الحليب ثقيلاً جداً أو ذو قوام رغوي، تستطيع أن تزيل بعض الفقاعات باستخدام الملعقة.
إذا ظهرت أي فقاعات كبيرة في الحليب، جرب أن تضرب الإبريق على الطاولة حتى تنشق الفقاعات. بعدها حرك الإبريق بشكل دائري حتى يختلط الحليب بالرغوة. استمر في تحريك الحليب بهذه الطريقة إلى أن يصبح المزيج كالطلاء اللامع الرطب، وبعدها مباشرة ابدأ في سكب الحليب على الإسبريسو.
الخطوة 6: اسكب
ابدأ بسكب دفعة صغيرة من الحليب على الإسبريسو وأنت تصبه على شكل دوائر صغيرة حتى تتفكك الكريمة. تكمن الفكرة في خلط رغوة الحليب والكريمة معاً للحصول على لوحة باللون البني الفاتح مناسبة لممارسة فن اللاتيه.
عندما يمتلئ ثلاثة أرباع الكوب، أسقط الإبريق حتى يصبح أقرب ما يمكن إلى سطح القهوة، ثم اسكب بشكل أسرع بقليل. يجب أن تبدأ الرغوة بالطفو على سطح المشروب وتشكل دائرة بيضاء -هي بداية فن اللاتيه.
عندما يصبح الكوب ممتلئاً للكامل تقريباً، أَنْهِ عملية السكب برفع الإبريق بحيث تصب سكبة خفيفة من الحليب مرة أخرى، ثم تسحب مجرى الحليب باتجاه منتصف الدائرة. يفترض أن تؤدي هذه الحركة إلى سحب الدائرة حتى تأخذ شكل القلب. تهانينا - لقد حصلت على فلات وايت بنجاح!
اسألنا
تحتاج مساعدة؟
موجودين لخدمتك
Leave a comment