نوع المحتوى
- مقالات (36) click
ما سر سحر البن اليمني؟ في هذا الدليل الشامل لكل ما يتعلق بالقهوة اليمنية، سنستكشف ماضيها التاريخي والخبرة الكامنة وراء إنتاجها والنكهات المميزة التي يتحدث عنها عشاق القهوة. سنتنقل عبر المرتفعات اليمنية المعطرة بعبق القهوة، ونكشف التحديات التي يواجهها منتجو القهوة اليوم، كما سنكتشف كيفية الانغماس في تجربة القهوة اليمنية الأصلية.
في حوالي القرن الخامس عشر، حمل التجار اليمنيون نبات القهوة من إثيوبيا عبر البحر الأحمر، حيث كان ذلك هو شرارة البدء لما أصبح بعد ذلك صناعة قهوة مزدهرة. ولم تكن تلك الرحلة عبارة عن مسافة فعلية مقطوعة فحسب، بل كانت رحلة ملحمية حولت نباتًا بريًا إثيوبيًا إلى القهوة اليمنية التي تُزرع باليمن ونعرفها اليوم.
وقد برزت المخاء، وهي مدينة ساحلية تعرف أيضًا باسم المخا، كمحور لتجارة القهوة، وأصبح اسمها تدريجيًا مرادفًا للبن اليمني. وبدأ تقليد تحميص البن لتحضير مشروب القهوة في اليمن، ويعد لحظة محورية في تاريخ استهلاك القهوة.
خلال رحلاتهم إلى إثيوبيا، اكتشف الشيوخ الصوفيون العرب - المشهورون بطقوسهم الروحية ونمط حياتهم المنضبط - الآثار المحفزة للقهوة. كما أدركوا قدرتها على إبقائهم في حالة تأهب ونشاط أثناء صلواتهم وتأملاتهم طوال الليل، مما يمثل لحظة ولادة ثقافة القهوة الجديدة.
وقد امتد هذا الاكتشاف إلى ما هو أبعد من الجوامع اليمنية وتغلغل في العالم الإسلامي، ووصل إلى الإمبراطوريات العثمانية والصفوية والمغولية، مما أثر تأثيرًا كبيرًا على تاريخ القهوة.
يمكن إرجاع أصول القهوة اليمنية إلى نباتات بن الأرابيكا وموطنها الأصلي إثيوبيا. حيث وجدت هذه النباتات موطنًا جديدًا في المناخ والتضاريس المتميزة في اليمن، التي كانت غير مواتية للنباتات الأخرى إلا أنها مثالية لزراعة البن. وقد أدت هذه البيئة الفريدة، إلى جانب جهود الزراعة التي يبذلها المزارعون اليمنيون، إلى تطوير سلالة مميزة من القهوة في اليمن.
وعلى مدى قرنين من الزمان، احتكر اليمن إنتاج البن، حيث امتدت طرق التجارة من القوافل البرية إلى الشحنات المرسلة من ميناء المخا التاريخي على ساحل البحر الأحمر.
القهوة اليمنية واجهت العديد من التحديات أثناء رحلتها من مرتفعات اليمن وصولًا إلى السوق العالمي. وتأثرت صناعة القهوة في الدولة بشدة بالحرب والاضطراب السياسي والبنية التحتية المُتآكلة، مما أدى إلى انحدار كبير في إنتاج القهوة وتصديرها.
أصبحت طرق التجارة التقليدية محفوفة بالمخاطر نتيجة الصراعات والحصارات، مما أدى بالتالي إلى صعوبة التصدير. ويواجه منتجو القهوة اليمنية والتجار صعوبات أكبر في الحصول على شهادات التصدير بالإضافة إلى مشكلة انخفاض أسعار السوق المحلية؛ مما يحول دون الاستفادة من الأسعار العالمية.
على الرغم من هذه التحديات، حافظ مزارعو القهوة اليمنية على الأساليب الموروثة منذ قرون. وتنمو أشجار القهوة على المصاطب الزراعية في المناطق الجبلية، ويُقطف كرز القهوة يدويًا لضمان الجودة. وتُستخرج حبوب القهوة بعد الحصاد من الكرز باستخدام أحجار الرحى، ثم تُنظف باليد، وهي طريقة ظلت ثابتة منذ عام 1500.
القهوة اليمنية تشتهر بطريقة معالجتها الفريدة فلا يتم إزالة الفاكهة قبل التجفيف. ويُجفف الكرز على أسطح المباني لمدة أربعة أسابيع تقريبًا، وهي طريقة معالجة عريقة تحافظ على المذاق المميز للقهوة. في منطقة صنعاء، يستخدم المزارعون طريقة فريدة تسمح للحبوب أن تبدأ في التخمير وتسقط بشكل طبيعي من الشجرة قبل جمعها من على الأرض، مما يؤدي إلى نضج الحبوب بنكهات معقدة بدون التعرض للتعفن.
دفعت اليمن ثمنًا باهظًا نتيجة للصراع الممتد فيما يخص إنتاج القهوة. وتشمل بعض التحديات التي يواجهها مزارعو القهوة:
زادت هذه العوامل من انحدار إنتاج القهوة في اليمن.
لم تؤثر تداعيات الحرب الأهلية على الإنتاج فقط، ولكنها أثرت على صادرات القهوة اليمنية أيضًا. علاوة على ذلك، يمنع الحصار المستمر المزارعين من التوسع في إنتاج وتصدير القهوة على الرغم من الطلب الكبير عليها على المستوى العالمي. كما أن ميناء المخا بالبحر الأحمر، الذي اشتهر تاريخيًا بكونه محورًا مهمًا لتصدير القهوة، أصبح الآن قاعدة عسكرية مما يضيف من معوقات تجارة القهوة اليمنية.
يوفر تنوع المعالم الطبيعية في اليمن، من المرتفعات القريبة من البحر الأحمر إلى المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية، ظروف نمو مثالية لقهوة أرابيكا. وتُزرع القهوة في 17 محافظة من أصل 21 محافظة، حيث تشمل مجموعة من البيئات المختلفة التي تساهم في تشكيل نكهات سلالات قهوة أرابيكا التي تُزرع بها.
وتشتهر المناطق الرئيسية المنتجة للقهوة في اليمن - الحرازي والمطري والصنعاني والإسماعيلي - بخصائص تجعل نكهة القهوة مميزة. وتضم المنطقة الشمالية مرتفعات مثل:
وتعتبر هذه المنطقة واحدة من أكبر المناطق إنتاجًا للبن في اليمن، حيث تنتج حبوب البن اليمنية عالية الجودة، بما في ذلك أنواع القهوة اليمنية ذات الرواج الواسع.
كما يتمتع غرب اليمن، لا سيما مناطق مثل برع في محافظة الحديدة وريمه، بسمعة طيبة في مجال زراعة البن.
تنتج منطقة حراز، المعروفة بإنتاجها للقهوة على ارتفاعات عالية، قهوة عضوية ممتازة بنكهات فواكه بارزة. وتعرف القهوة الحرازي بأنها غنية وقوية وبمذاقها اللذيذ الذي يمكن الشعور به في الفم
وهي فريدة من نوعها في نكهات الفاكهة اللاذعة، وحموضة النبيذ مع قوام أخف قليلًا.
في أعالي جبال بني مطر، تشتهر منطقة بني مطر بقهوة موكا المطرية، المعروفة بإيحاءاتها الترابية والتبغية المميزة إلى جانب الحموضة الشبيهة بالعنب. وتلعب البيئة الفريدة لمنطقة بني مطر، الواقعة جنوب غرب صنعاء وشرق منطقتي حيمه وحراز، دورًا مهمًا في تشكيل نكهات القهوة المزروعة بها.
تشتهر منطقة صنعاء، موطن القهوة الصنعانية، بخصائصها العطرية والفاكهية. وتشمل المنطقة مرتفعاتٍ تصل إلى 7200 قدم فوق مستوى سطح البحر، مما يمثل بيئة مثالية لزراعة قهوة تتمتع بصفات مميزة.
تتميز منطقة بني إسماعيل بارتفاعات كبيرة تتراوح من 6561 إلى 9514 قدم حيث تزرع القهوة الإسماعيلي. وتتميز حبوب البن من بني إسماعيل بأنها صغيرة بشكل مميز وعلى شكل حبة البازلاء، مع تركيز أقل من أنواع القهوة اليمنية الأخرى وتتمتع القهوة الإسماعيلي بمذاق خفيف ولكنه ترابي، يتميز بحموضة النبيذ والنكهة الفاكهية الشبيهة بالرويبوس وإيحاءات الشوكولاتة والبندق والليمون.
تقدم حبوب البن اليمنية سيمفونية من النكهات المعقدة التي تشمل على الإيحاءات الخفيفة الترابية والحموضة الواضحة والحلاوة الفريدة، مع نكهات الفاكهة أو الشوكولاتة. وتتنوع أنماط النكهة بتنوع مناطق زراعة البن في اليمن. فعلى سبيل المثال، تشتهر موكا حرازي اليمنية بحلاوة الحليب والكاكاو وإيحاءات الفراولة وتوت العليق، في حين تشتهر موكا خولاني اليمنية بأنها أكثر حلاوة من العديد من أنواع القهوة اليمنية الأخرى، حيث تتميز بإيحاءات طعم الشوكولاتة وتوت العليق والورد.
نظرًا للنكهات الغنية والمعقدة، فإن حبوب البن اليمنية مناسبة لجميع أنواع مشروبات القهوة والإسبريسو والفلتر وحتى تحضير القهوة على الطريقة التركية. حيث تُقدِّر هذه الطريقة التقليدية تمامًا القوام السميك والقوي للقهوة اليمنية، مما يسمح لنكهاتها ورائحتها الفريدتين بالتألق.
تنمو القهوة المطرية في المرتفعات العالية بإقليم بني مطر، وهي مشهورة بالتالي:
عندما لا تزال الحبوب خضراء، تصدر حبوب القهوة المطرية رائحة فاكهية وعطرية مبهجة، مما يوفر تجربة حسية معقدة للقهوة.
تشتهر القهوة الذمارية المعروفة بالموكا الصنعاني أو الموكا العربية الصنعانية بنكهتها القوية المتماشية مع القوام المتوسط والحموضة المعتدلة. تبدأ تجربة التذوق بطعم الكرز القوي الواضح مع حمض الستريك اللاذع ثم تتحول لتكشف نكهة المكسرات الحلوة عطرية الرائحة وتختتم بمذاق الشوكولاتة الداكنة الغنية المشتملة على الطعم الحلو والحمضي معًا والذي يدوم طويلًا ويعلق بالفم.
تُعرف قهوة الحرازي بقوامها الغني الكثيف الناجم عن ظروف الزراعة المرتفعات العالية في منطقة حراز حيث تُزرع القهوة. وتساهم ممارسة الزراعة في جعل قهوة الحرازي عميقة ومعقدة، مما يعزز من قوامها الثقيل والغني.
فقهوة الحرازي تقدم نكهة فاكهة منعشة فريدة تميزها عن أنواع القهوة التي تنمو في أقاليم اليمن الأخرى.
تُزرع قهوة الإسماعيلي في بني إسماعيل التي تقع في منطقة الإسماعيلي المعروفة بالارتفاعات العالية. وتتميز حبوب البن من بني إسماعيل بأنها صغيرة بشكل مميز وعلى شكل حبة البازلاء، مع تركيز أقل من أنواع القهوة اليمنية الأخرى. وتتمتع القهوة الإسماعيلي بمذاق خفيف ولكنه ترابي، يتميز بحموضة النبيذ والنكهة الفاكهية الشبيهة بالرويبوس وإيحاءات الشوكولاتة والبندق والليمون.
يتضمن إتقان فن تحضير القهوة اليمنية مزيجًا من الأساليب التقليدية والمعاصرة. ويمكنك تحضيرها باستخدام طرق مثل:
تتلاءم هذه الطرق مع نكهات القهوة ورائحتها الفريدة، حتى عند استخدام قشر القهوة والقهوة المطحونة في التحضير.
إذا كنت تفضل تحضير القهوة التركية، اطحن حبوب القهوة طحنًا ناعمًا وامزجها مع الماء والسكر حسب رغبتك. ثم يُسخَّن المزيج برفق لمدة تتراوح بين 15–20 دقيقة لتكوين الرغوة المطلوبة ثم يُقدَّم.
لتحضير الإسبريسو المستوحى من القهوة اليمنية، اتبع هذه الخطوات:
استمتع بالإسبريسو المستوحى من القهوة اليمنية الفاخرة!
وبغض النظر عن طريقة التحضير التي تختارها، يُفضل استخدام القهوة متوسطة التحميص للاستمتاع بتجربة إيحاءات القهوة اليمنية المعقَّدة.
تقدم القهوة اليمنية، بتاريخها الغني وأساليب زراعتها الفريدة ونكهاتها المعقدة، تجربة قهوة لا مثيل لها. على الرغم من التحديات التي تواجهها، لا تزال صناعة القهوة اليمنية تزدهر، وتحافظ على تقاليدها التي تعود إلى قرون مع التكيف مع المطالب الحديثة. بينما تتذوق النكهات المعقدة للقهوة اليمنية، تذكر أن كل كوب يحمل معه تراث الأمة وصلابة شعبها.
تعتبر القهوة اليمنية من بين الأفضل في العالم بسبب نكهاتها الغنية وحلاوتها وسمعتها الرفيعة بين المتذوقين المحترفين، لكن جودتها في السنوات الأخيرة باتت ذات جودة أعلى و أفضل من خلال اهتمام المنظمات التطويرية بمحاصيل قهوتها.
يعود تاريخ اليمن مع القهوة إلى قرون مضت، حيث يعتقد البعض أنها أُحضرت في الأصل من إثيوبيا إلى اليمن وزرعها لاحقًا تجار يمنيون. تبع ذلك انتشار المشروب في جميع أنحاء المنطقة، حيث وصلت إلى بلاد فارس ومصر وسوريا وتركيا بحلول القرن السادس عشر.
القهوة اليمنية مميزة بسبب نكهتها ورائحتها المميزتين اللتين غالبًا ما تتضمنان إيحاءات من الفواكه المجففة وإيحاءات من الشوكولاتة أو القرفة أو الهيل أو التبغ. جربها لتستمتع بنكهتها الترابية المعقدة.
موجودين لخدمتك
Facebook comment